ترجمات من كتاب "تحت قدميَّ"، الكُتَّاب والمشي

كتاب صادر في 2018 من تقديم وتحرير دانكن مينشل
Beneath my Feet

Writers on Walking

by, Duncan Minshull

 

أرنست ديلاهي

- جاهز لأي شيء -

1925

 

كان له قوة ومنظر المشاء الشديد الصبور الحازم، منظره وهو يمضي كان دوما، تتحرك رجلاه الطويلتان بهدوء وانتظام شديدين، رأسه نحو الأمام، وعيناه الجميلتان ثابتتان على المسافة البعيدة، وتملأ وجهه نظرة تحد مستقرة، تيار من التوقعات يطوف بذهنه وجاهز لأي شيء، دونما غضب، دونما خوف.

 

سورين آبي كيركاغارد

-أمشي للصحة وللخلاص-

من رسالة إلى هنريتا لَنْد

1847

عزيزتي جيتي،

رغما عن كل شيء، لا تفقدي رغبتك في المشي؛ في كل يوم أمشي لأصل إلى حالة من الصحة وأمشي بعيداً عن كل اعتلال. مشيت لأصل إلى أفضل أفكاري، ولا أعرف أن هناك فكرة تثقل كاهلي لا يمن للمشي أن يأخذني بعيداً عنها.حتى لو كان المرء يمشي طامعا في الصحة باستمرار كمتطلب واحد، لن ينفك عن القول بأن امش وحسب! مع ذلك، يبدو جلياً أن المرء في مشيه، يقترب باضطراد إلى أن يكون في حالة من العيش الجيد، أما الجلوس والثبات، فمع كثرته، فهو يقربه أكثر من الشعور بالمرض.الصحة والخلاص يتواجدان في الحركة. لو أنكر أحدهم أن الصحة تكمن في الحركة، فإنني أمشي بعيداً عن النتائج المرضية. ذاك لأن المرء إذا استمر في المشي، فكل شيء سيكون على ما يرام. ولدينا هناك في الريف كل الامتيازات، لا يوجد ما يقف في طريقك قبل أن تنخرط آمنا وسعيداً خارج البوابة، ولا أن تتعرض للمقاطعة وأن تمشي في طريقك إلى بيتك. أتذكر جيداً ما حصل لي قبل فترة، وما بات ينتابني مرات عديدة منذ ذلك الحين.فقد اعتقد للمشي لساعة ونصف الساعة وفكرت أثناء ذلك ملياً في كثير من الأفكار، وبما تمنحه الحركة من عون، فوجدت أني صرت أكثر تقبلاً لذاتي كشخص. ياله من نعيم، وكما أن بوسعك أن تتخيل، أي عناية لم ألق لها بالاً حتى أجلب هذا النعيم معي قدر استطاعتي وأنا عائد إلى بيتي. فتجديني أسرع، بأعين تمشط الطرقات أسرق فيها النظر إلى الأرصفة وكل ما عليها، لا أجد الأمر ضروريا أن أنظر عن كثب على الاطلاق (ذلك لأن المرء يمكن أن يقاطعه شخص ما بسهولة، من حيث ينظر فليتجنبه) وهكذا أمضي عبر الطرقات الجانبية جذلاً فمن أجل الانتظام المحرم على المرء أن يحمله على عدم الانتظام في هذا النعيم، فهذا الذي يشعر المرء بالخفة.وهذا شعور يختلف عن شعور رجل تصادفه حينها وهو كسير العين يعاني من الاعتلال ويرى نفسه غير جدير بالمشي فوق ذاك الرصيف. لكنه مع ذلك أوقفني في مكاني، كان رجلاً شرفني بحديثه معي، لكن هذا ضياع، بعد انتهاء حوارنا، كان هنالك شيء واحد متبقٍ لي أن أفعله، عوضاً عن العودة إلى بيتي، اخترت أستمر بالمشي مجدداً.

الملخص،

س. كيركاغارد

 

أبسلي تشيري-جيرارد

- جنون -

1922

علموني عندما يواجهني مجنون ما أو أحد مر بظرف صعب من حزن مرير عظيم أو صدمة تدفعه للانتحار، أن أعالجه بأخذه خارج الأبواب وأن أمشي به في الأنحاء: والطبيعة ستقوم بما يلزم من أجل إصلاحه.

 

جان جاك روسو

-أرادت أن تمشي-

من كتاب الاعترافات، 1781

 

خطونا إلى خارج مدينة سانت جاكوبس في باريس. دوما سأذكر ذلك القصر، وتلك الغرفة التي شغلتها السيدة دولارناج. لقد أرادت بعد تناول العشاء أن تتشمى. كانت تعلم أن الماركيز ليش مشّاءً، وكانت تلك طريقتها في تدبير مسارّة حميمة بين شخصين، والتي كانت بالفعل قادرة على استثمارها على أتم وجه، ذلك لأن لا وقت يجب أن يضيع ما دام بالوسع استغلاله في أي متعة. مشينا حول المدينة بجانب الخندق حول القصر.

هنالك استكملت الحديث عن سر اعتلالاتي الطويلة، وردت عليَّ بنبرة لطيفة للغاية، معتنقة ذراعي وضاغطة إياها على قلبها، لا غباء يمثال غبائي يمكنه أن يمنعني من تصور أنها تعني ما تقول. من غير المعقول ما فعلت وهو أنني حركت نفسي بشدة. وقلت لها أنها كانت مبعث سرور، والحب يجعلها دوما جذابة، ينحلها كل التلؤلؤ والحيوية من شبابها المبكر، ومنحها ذلك قدرات فذة في إغراء رجل محترس ومتترس بكياسته.

كنت محتاراً مضطرباً، وفي حالة من التحرر؛ لكني مقيدُ بالخوف من الاساءة أو أن أتهم باستغلال تلك الأريحية، ومقيداً بخوف أكبر يتعلق بأن أتعرض للاستهجان أو الازدراء وأن أكون عرضة للتهكم، كأن أشارك حكاية طريفة بعد العشاء أو أتلقى التهاني من الماركيز عديم الرحمة. على صفاقتي.

كنت غاضباً من نفسي جراء خجلي الأخرق وجراء عدم قدرتي على تجاوزه؛ وفي الآن ذاته كنت للتو تخليت عن تعبيراتي الغزلية الخجلة، والتي أدركت الآن مدى السخافة التامة في أنني كنت على الطريق الحقة.

لكنني لم أكن على علم بالأصول التي يجدر أن أتبناها، أو ماذا سأقول، أو أن ألتزم الصمت، ويدوت متجهماً. في الحقيقة، قمت بكل ما وسعي من قوة أن أتودد في تعاملي معها على الرغم من كل تلك المخاوف. ولحسن الطالع فلقد اتخذت المدام دولارناج خطوة عطوفة باتجاهي. قامت على نحو مفاجئ باختصار حالة الصمت التي غمرتنا، فوضعت ذراعها حول عنقي، وفي ثانية واحدة كانت شفتاها، تضغط برفق على شفتي، وتكلمت بوضوح تاركة إياي في شك. لم تكن المصيبة التي كنت أمر بها لتتحول إلى وضع أسعد من هذه اللحظة حتى في أقصى خيالاتي. عدنا وغدوت جذاباً وقد آن لي ذلك.

العودة للصفحة الرئيسية