• الصفحة الرئيسية
  • عن هذا الموقع
  • ميتا
  • ترجمة لقصص ظريفة من مجلة النيويوركر في بابها الشهير: صرخات ودمدمات

    عثرت منذ زمن بعيد وأنا أقلب في أرشيف اشتراكاتي بمجلة النيويوركر، حيث أنها كانت تصلني أعداد كثيرة من الولايات المتحدة على هذه القصص، وترد في باب شيق وقصير وممتع للقراءة كل مرة بعنوا دمدمات وصرخات، وغالباً ما يكون أقرب للحديث النفسي للكاتب، وهنا في أحد الأعداد كان الكاتب يوني برينر يسجل كوابيساً انتابته أثناء النوم بعناوين مضحكة، ولأنها قصيرة ومباشرة شعرت أنني لا يجدر ان أستمتع بمجرد قراءتها إنما بترجمتها ونشرها، متدرباً على حرث هذا العقل الذي يحاول القيام بشيء ما وأسأل ربي أن يهديني دوماً لسواء السبيل.

    السيرك

    في صباح حزيراني صافٍ. نصل أنا وزوجتي إلى أعلى خيمة السرك لنجد أن كرسيينا في داخل قفص الأسد. تواجدنا لأقل من دقيقتين عندما حَمَل علينا أسد أفريقي شرس، وأسنانه تصتك. بعد جدل قصير، أبرزت له تذاكرنا وأخبرته أن يذهب عنا ويعثر على مقعده الخاص. لكن الأسد أصر، مقترحاً بأن تذاكرنا لابد وأنها بتاريخ يوم آخر غير هذا اليوم، أو أننا ابتعناها من بائع غير مرخص. تصارعنا معه بعنف لبضع دقائق، وهرس الأسد ذراعي الأيسر. مع ذلك، صمدت وتقهقهر الأسد. بعد لحظة، عاد الأسد مع مرشد السيرك. تصارعت مع المرشد بعنف لبضع دقائق، وهرست ذراعه الأيسر أيضا. أخيراً، عزفت الفرقة الموسيقية لمسيرة حماسية، وبدأ السيرك. دخل اثنان من المهرجين الحلبة على أحذية تزلج. طلبوا متطوعاً من الجمهور وقضوا الساعة ونصف التالية محاولين تحويله إلى ناسك تبتي. ضحكنا بصخب. لاحقاً بعد لحظة، حدث انفجارٌ مدوِّيٍ من مدفع بشري طار الرجل منه وهبط بالضبط بجانبي. غِصت في الحشد وخرجت منتصراً، حاملاً ذكرى هذا التهور الغائم مثل تذكار. عدت إلى زوجتي وشاركتها الأنباء السارّة، لكني وجدت الأسد وحده مرتدياً مجوهراتها ويتحدث –لسبب غير مفهوم- إلى حماتي من خلال هاتف زوجتي المتنقل. (استيقظت هنا، وكانت زوجتي قد نامت بسرعة إلى بجانبي، وفرقة سيرك عند قدمي تعزف معزوفة البحرية الأمريكية "المؤمنون دوما" Semper Fidelis).

    حديث في منصة تيد

    خلف الكواليس في مركز المؤتمرات في ساسكاتشويان، كنت على وشك إلقاء محاضرة ملهمة في طب تجميل الأسنان لتيدكس ساكستون عندما أدركت بغتة أنني لست أول الأمر على علم بطب الأسنان؛ وأنني أيضا طُلب مني عبر السلطات الكندية أن أُلبس أيلاً أمريكياً من نوع الموظ قبعة سوداء مستديرة، مع قصد تعليمه لعبة ورق أسبانية تسمى الكنستة. أخرجت هاتفي حينئذ لأطلب النجدة، لتداهمني على الشاشة إشارة تنبيه من فيسبوك بأنني أشير إلى ثلاثة وأربعين صورة إليَّ بالخطأ. وفي الوقت التي تمكنت فيه من إلغاء ربط تلك الصور باسمي، كان الوقت متأخراً على الهروب، وبينما أخذوني نحو المسرح أغمي عليَّ في لحظة. عندما عدت للوعي، كان الجمهور يقف مصفقاً لي، وفي غضون يومين كانت محاضرتي التي هي بعنوان "الزن وفن صناعة الأبراج غير اللازم" قد تجاوزت أربعين مليون مشاهدة على اليوتيوب. وقبل فوات الأوان، استقليت سيارة أجرة في طريقي نحو المطار، وفي لحظة ما فتحت مظروفاً يشتمل على منحة فخرية لي، لأكتشف -يالرعبي- أن المظروف كان فارغاً إلا من قطعتين نقديتين كنديتين وتذاكر لفيلم من إنتاج فرنسي كندي لـ"الخيال". (استيقظت لاحقاً وعرق بارد يكللني، ومايكروفون يضغط على ذقني، وآيفوني يئز مظهراً طلب صديق من جواكيم فون ريبينتروب.)

    اختبار

    يوم السبت. أنا جالس في مقصف مدرستي الثانوية، على وشك إجراء اختبار قياس الموهبة الدراسية (S.A.T.)، عندما فتحت جرابي حيث أحتفظ بأقلامي الرصاص رقم اثنين وتفاجأت بأن الجراب ممتلئ بمقبلات فرنسية من شرائح خضروات عمرها يوم. جريت مذعوراً لأخبر مساعدة المدير. ابتسمت بتعاطف، ثم مدت يدها لحقيبتها واستخرجت وعاءً مملوءاً بصلصة رانش. عدت لطاولتي، حائراً، وبدأ الاختبار. عبرت بالقسم اللفظي من الاختبار بخفة، وأنا أشعر بثقة، على الرغم من أنني جاوبت بالخيار "ج" لأربعة وثلاثين سؤال بالتتالي. لكنني، عندما وصلت إلى الجزء الرقمي، بدأت معنوياتي تتأرجح مع لخبطتي بين الجا والجتا والصحيح وغير الصحيح من الأرقام، ونظرتي تجاه دارتموث استبدلت بولاية بِنْ، ثم جامعة ويتشاتا الأولية، ثم شهادة مشتركة من شاحنات الحلوى الإيطالية التي تقف أمام مبنانا أثناء مهرجانات الشارع. لحظها انتبهت إلى أنني أجلس بجوار عالم الرياضيات من القرن السابع عشر جوتفريد ليبينز. بحذر، بدأت أسرق نظرات لورقة إجابته، لكني توقفت عندما أدركت أن ليبينز يسارق النظر لورقة إجابتي أيضا. مضطرباً، أخبر مساعدة المدير أنني أريد الحمام، وقضيت الساعات الثلاث التالية مختبئاً في دولاب المواد بمختبر العلوم، حانقاً على الأمونيا في دورق مخروطي. عندما عدت للمنزل، علمت بأنني بطريقة ما حصلت على ترجة ممتازة في اختباري، لكنني كنت في قائمة الانتظار عند شاحنة الحلوى الإيطالية. (استيقظت مبهور لاستنشاق الهواء، استغرقت حماتي بسرعة للنوم بجانبي، ويدي اليسرى مغموسة في وعاء رانش.)

    كارثة

    بعد الإقلاع مباشرة عندما بدأت الاضطرابات تهز طائرتنا من طراز 737 مثل خشخاشة لاتينية مضغوطة. ربطت حزامي، كتفت ذراعي، وبدأت أتلو صلوات شَمَاعَ اليهودية. بعد دقيقة، أدركت أنني لا أعرف الصلوات وأنني في الواقع أتلو كلمات أغنية "بيني والطائرات". فجأة، خشخش جهاز النداء في الطائرة وبدأ يظهر صوت الطيّار يؤكد بصوت مطمئن أن كل شيء على ما يرام. ثم أكمل يقرأ سجلي الأكاديمي في الجامعة: "كلية بوفين علم النفس، باء سالب؛ مواضيع لا حاجة لها، جيم زائد ..." وثبت من كرسيي وأخبرت مضيفة الطائرة أن الطائرة في طريقها للتحطم، وأنني لا أزال صغيراً على الموت. "سفاهة،" قالت، مجادلة إياي أنني في عمر مثالي كي أموت، وكذلك، ضف إلى ذلك، أنني ينبغي عليَّ أن أطلب من أحدهم أني يحضر معطفي لو رغبت في أن أرتدي في يقظتي. انعطفت لأقبل وزجتي قبلة الوداع، لأعرف، أن في مكانها أسد جاء من السيرك، يلعب الكلمات المتقاطعة مع أصدقاءه على أيباد زوجتي. ترددت لوهلة، ثم قبلت الأسد على أي حال، لأن، هاي، أنت تعيش مرة واحدة. بدأت الطائرة التوجه بأنفها غائصة نحو الأسفل. أغمضت عيني واستعددت للاصطدام-لكنه لم يحدث أبداً. هويناً، أزلت أصابعي عن وجهي لأرى أنني أقدم برنامجاً تلفزيونياً مع إيليوت سبايتزر، مجادلاً بشغف عن التسجيل الفدرالي لهواة عازفي البانجو. وياللمأساة، ألغي البرنامج قبل عرض الدعاية التجارية الثانية. (استيقظت هلعاً، لأجد إيلتون جون نائما بجواري، وسرير يطفو بهدوء على بعد مئتين ميل شمال رياكفيك المدينة الآيسلندية.)

    العودة للصفحة الرئيسية