• الصفحة الرئيسية
  • عن هذا الموقع
  • ميتا
  • قصائد نيويوركية

    اقتنيت مجلة النيويوركر في سبتمبر 2023 وبقيت على الرف لوقت طويلة دون أن أقرأها وأتصفحها، وفي رحلة سفر أخيرة اصطحبتها، وكعادتي مع المجلة، أتصفح العناوين وأغوص فيما يروق لي من مواضيع وأستمتع بالرسوم الكاريكاتورية الذكية المنتشرة في المجلة، وكان الشيق أن العدد كان عبارة عن أرشيف لمقالات تتمحور حول الإنسان والحيوانات، وفيه مقالات وقصائد تدور في فلك هذا القالب. واخترت عدة قطع من العدد لترجمتها، وكان أحدها قصيدة لشاعرة أمريكية كثيراً ما تكتب عن الطبيعة ومحتوياتها من نباتات وحيوانات وأنهار وجبال، ولأن القصيدة بعنوان "الغربان" بحثت عن نصها ليسهل نقلها وترجمتها على ملف وورد كما اعتدت، والكفارقة أن الشاعرة أوليفر لها العديد من القصائد وكلها له عنوان الغربان، وهكذا ترجمة قصيدتين بعنوان الغربان وكل منها مختلف، على أن القصيدة الثانية أدناه هي التي قرأتها في النيويوركر، والقصيدة الثالثة هي قصيدة عن ثور ينظر إلى إنسان لكاتب أسباني، ومعلوم أمر مصارعة الثيران في أسباني. أخيراً جاء في العدد لحسن الطالع نسخة من قصة كاتب مفضل عندي ألا وهو هاروكي موراكامي منشورة في الثمانينات بعنوان "الفيل يختفي" تحمست لترجمتها وإن شاء الله أفعل وأنشرها هنا في الحديقة الرقمية عاجلاً.

    النيويوركر

    الغربان-1

    ماري أوليفر

     

    حلَّ كانون الثاني، وها هي الغربان

    قابعة كورود سوداء على الثلوج.

    بينما بت أرقبها، قامت وحلّقت باتجاه المستنقع المتجمد،

    رأت بعض أثر من الموت على الثلج المعتم.

    يلتمّون حوله ويتناولون كل شيء

    الخيوط

    والموسيقى الحمراء من ذلك الجسد غير المُسمّى. ثم ينعقون،

    صوتٌ مُسغب، فظ يتردد صدى أحدها مع الآخر.

    وها قد طاح المطر.

    تالياً، جاء شُباط،

    وتلاه بعد ذلك، الربيع

    يُرجّع، معه جوقة من ألف عضو.

    تنحني الغربان مثل قوس، وتبدأ بموسيقاها الجليلة.

    أعرف طائر الصفار.

    أعرف السمِّان المغرد، أعرف الطائر المحاكي.

    أعرف أعمال الصيف، والتي تنفخ في الكير قُدماً،

    بمهارة.

    وهكذا أغمس أصابعي في السويقات النبات الأخضر، بلطف.

    أتمطى على حافة البحيرة المورقة، بهدوء.

    ولا يخطر ببالي حسنها خشونة الثلج.

    ولا يخطر ببالي الفجر الثلجي والشمس الواهنة مثل مصباح

    ينطفئ.

    لا يطري ببالي ضراوة الوحدة.

    وما شعرت بالرياح تهب.

    وما سمعت قط بالمعاناة بين أي شيء ولا شيء.

    وما رأيت الغربان المخفقة بجناحيها، شرّابة الدم قط.

     

    الغربان - 2

     

    في اليابان، وفي سياتل/ وفي أندونيسيا -كانت هناك-

    كل منها صاخب وجائع

    تعبر الحقول، أو تحط فوق إشارات المرور، أو تهبط منها

     

    إلى المرج الأخضر في كنيسة لتتشمس

    أو تخطو على أقدامها القوية،

    مثل ملاّك أراضي. أظن

    أنها لا تحسد أحداً أو شيئاً-

     

    لا نمر، ولا الامبراطور،

    ولا حتى الفيلسوف.

    لماذا تحسدهم؟

    فالرياح خدينتها، وآخر شجرة تحط عليها هو بيتها.

     

    ولا ضرورة لأغنية، اكتشفوها، تعتبر مهمة.

    وليس مهما أن تحوز على ذوق رفيع؛

    دون أدنى تردد ستأكل

    أي شيء بوسعك تصوره-

     

    ذرة، فئران، براغر قديمة-

    تزدردها بالصياح والاستمتاع البالغين

    لا يمكن لأحد أن يجزم بأن ذلك تبجح

    أو صلاة من الحمد البالغ. وفي شروق الشمس، عندما أبرز للمشي،

     

    أراها على الأشجار، أو على أطراف البنايات

    مرحة كالقديسين، أو لصوصاً صغاراً تمكنوا، ذات ليلة، من الظفر بعملية ناجحة، ومثل كل الحديث عن النجاحات، ذكرني هذا الأمر بنفسي.

     

    هل كان عليَّ أن أعيش حياة أبسط؟

    هل كان لطموحاتي قيمة؟

    هل كانت الرياح، لسنوات، تتحدث إليَّ كذلك؟

    في مكان ما، متجاوزاً كل أفكاري، كان هناك درب ضيق.

     

    درب جذاب، لكن من يجسر على اتباعه؟

    وهكذا ببطئ رسم الصباح سؤاله الكامل الملغز المحبوب علينا.

    حينئذ، في الفروع المتدفقة من أوساطها الداكنة،

     

    أكثر مرونة وتشعشعاً باهراً،

    تنطلق من الشمس وتذوب على أجنحة الطيور،

    كما، تمتد بلا اختلاف وبارتياح،

    ينتشر الضياء مشتجراً بقوة، كلون الوردة.

     

    ثور ينظر إلى إنسان

    كارلوس راموند دي أندرادي

     

    إنها آنق من شجيرات خالدة وهي تجري

    تجري من طرف لآخر، دائما ناسية شيئاً.

    إنها -على الآكد- دوماً تبدو كم يعوزه شيئ لا أدري كنهه.

    شيئا أساسياً، كما لو كانوا يقدمون أنفسهم كنبلاء أو جادين، في أحيان.

    أوه، جادين جداً، على نجو مأساوي.

    ياللمساكين، بسوع المرء أن يقول أنها لا تسمع أغنية العواء أو أسرار الكلأ؛

    وكذلك لا يمكنها أن ترى ما هو مرئي ومشاهد لكل منا، في الفضاء.

    وهم حزنى،

    وفي يقظة الحزن يبدون قاسين.

    كل تعابير حيواتهم في عيونهم-- ويخسرون 1واتهم في نفحة بسيطة من رفة جفن، من ظلال.

    ولذلك هناك جبل صغير من حولهم--

    لا شيء من الشعر في أطرافهم سوى البرد والتدثر – إنه مستحيل عليهم ليستقروا في حالة من السكينة الدائمة والضرورية.

    لديهم، ربما، مسحة من كآبة وبها يسمحون لأنفسهم بنسان المشاكل والتعامل مع الفراغ الداخلي

    الذي يجعلهم مساكين ومعوزين عندما يأتي الأمر لإصدار صوت سخيف ومؤلم:

    الرغبة، الحب، الغيرة

    (ألا تعلم؟) -- أصوات تتناثر وتملأ المجال

    مثل أحجار مضطربة تحرق الأخضر واليابس،

    وبعد هذا يصعب عليهم مضغ وهضم حقيقتنا.

    قصائد

    العودة للصفحة الرئيسية