على الغلاف صبي متحفز برئ ومنطلق يسير في ضباب الفجر فيما يبدو بجوار أبيه فارع الطول. هذه الصورة تصف أول سطور هذه الرواية، حيث يأخذ الأب صاحب المكتبة ابنه دانييل سيمبري إلى مكان أثيري عندما بلغ من عمره الحادية عشرة، هذا المكان هو مقبرة الكتب المنسية. تمام، فنحن في هذه الرواية بصدد العيش في عالم من الكتب والمكتبات والعاملين عليها. هذه الرواية الإسبانية الكاتلونية، تدور أحداثها في برشلونة في منتصف القر العشرين، في عصر البوليس وفرانكو الرئيس المستبد وأعقاب الحرب العالمية الثانية. قصص وشخصيات تلدها الصفحات الخمسمئة بطريقة ملغّزة ومغوية، فتعيش أيامك وأنت تقرأ في عالمٍ موازٍ من المتعة والترقب. مفارقات ومصادفات صاغها الكاتب بين شخصيات القصة، فيها من الحب الكثير ومن الذكريات الكثير وفيها من الفكاهة الجمّة. فيها عن الصداقة وعن تعقيدات الحياة الواقعية وعن ألم الفراق وعن الاستمرار في المحاولة، وعن السذاجة وعن الجُبن والشجاعة، خليط خصائص إنسانية قدمتها القصة، والمترجم بارع في صنعته، وهو يزودك بمراجع جهده، فليست ترجمة سريعة عابرة إنما نتيجة تضافر بحث موسع في نسخ متعدد للرواية، وهذا جهد يذكر فيشكر، قصة تري حكاية محورية عبر جيلين أو ثلاثة أجيال، وهو أمر يستحق الإعجاب والتقدير لجناب الكاتب الإسباني كارلوس زافون. هذا الكتاب قرأته واخترته ليكون كتاب عيد الأضحى وأنهيته على مهل تقريباً في أسبوع، وأنصح به جداً من بين سلسلة روايات وقصص زافون لمن يريد أن يجرب حظه معه.
|