• الصفحة الرئيسية
  • عن هذا الموقع
  • ميتا
  • محاورة السيد والعبد، نص من الأدب البابلي

    قرأت عن هذه المحاورة في الانترنت ولا أذكر السياق تماماً، لعلي قرأت إشارة لها في كتاب بارتلبي وأصحابه؟ الأكيد أنني بحث ووجدت حديثاً عن حوار قديما بين السيد والعبد في الأدبيات البابلية في بلاد ما بين النهرين، ونويت قراءته وترجمته، لاسيما بأن فكرة السيد والعبد (Master/Slave) تذكرني بارتباط مفهوم تقني يكون في تقسيمات الأقراص الصلبة على الحواسيب، حيث أن أحد أجزاءها سيقرأ من قسم والآخر يتبعه في تزويده بالبيانات، وأيضا بنسبة بعيدة ارتباط هذا الأمر بفكرة الوظيفة والمؤسسات الرأسمالية ونفسي أو إثبات العبودية في سياقاتها. على أية حال تلبّث النص مطولاً في جهازي، وبعد أن قررت الانخراط في ترجمته أنهيته على فترتين متباعدتين، ويبدو أنني اعتمد على نصوص لها العنوان لكنها تختلف عن المضمون، حيث أن النص البابلي له معطيات تتعلق بالقصر والعلاقة بالمرأة وهكذا، أما النص الذي في يدي يبدو أن جاء من كتاب أمريكي جمعت فيه مقالات وقصائد وأفكار بعنوان خطيب كاليفورنيا (California Orator) بعنوان (DIALOGUE BETWEEN A MASTER AND SLAVE)، المهم الآن، أن النص فيه كلمات بليغة وحرث عقلي في ترجمته بالرجوع للقواميس وحاولت نقله وهأنذا أنقل النص الأصلي وترجمته وأنشره في هذه الحديقة النصيّة.

     

    السيد: والآن أيها الوضيع! ما لذي تملك قوله قبل محاولتك للفرار؟ أتوجد أي عقوبة لا تستحقها؟

     

    العبد: أعلم أني لا أملك أدنى قول ذا نفع. أنا رهن نصيبي.

     

    السيد: لكن ألست مجرد تابع خسيس، قاسٍ ونذل جحود؟

     

    العبد: أنا عبد. هذه جواب كافٍ.

     

    السيد: لم ترضني هذه الإجابة. يتراءى لي فيما أظن فيك نزعة علو في حالك. وأعملك وفقاً لهذا. لقد أطعمتك بعناية وآويتك، ولم أحملك فوق طاقتك من العمل، وعاملتك بكل إنسانية محضة عندما مرضت. فهل هذا جزائي؟

     

    العبد: ما دمت قبلت أن تتحدث إلي، رجلاً لرجل، سأجيبك. ما قدمته، وما يمكنك أن تقدمه لي، والذي سيعوضني عن حريتي التي سلبتها بعيداً عني؟

     

    السيد: لم آخذها عنك بعيداً. كنتاً عبداً عندما اشتريتك بالثمن العادل.

     

    العبد: هل محضتك موافقتي في هذا الشراء؟

     

    السيد: لا حق لك في منح الموافقة. خسرت حق التصرف في نفسك.

    العبد: لقد خسرت القدرة، لكن هل خسرت الحق؟ كنت قد خطفت غيلة من بلادي، عندما امتهنت عملاً شريفاً. وضعت في القيود، باعوني لرجل من بلادكم، ساقني غصباً إلى سفينته، أتى بي لهذا الجانب، وعرضني للبيع مثل وحش في السوق، حيث ابتعتني. أي أمر في هذا كله من العنف والجور يمنح حقاً؟ هل كان لدى الشرير الذي سرقني عدل، هل في النخاس الذي أغراه بهذا، أو فيك يا من سجعته لجلب هذه البضاعة البشرية في قطيع إلى أراضيك؟

     

    السيد: هذا هو قانون الولاية أن يغدو رجل خادماً لآخر. هذا أمر قديم، وسيستمر. هكذا وجدت التقاليد وأنا لم أصنعها.

     

    العبد: يجب عليك الا تمتنع عن الشعور بحساسية، من حيث أن السارق الذي يوجه السلاح نحو صدرك يجب عليه أن يشعر بالإحساس ذاته وتواجه بالحجة ذاتها. الولاية التي تمنحه القدرة على تهديد أملاكك وحياتك؛ تمنح أعدائي القدرة ذاتها تهديداً لحريتي. لكن مع ذلك فقط أعطتني قدمين أيضا لأهرب بها؛ وما لذي يمنعني من استخدامهما؟ لا بل، ما لذي يمنعني من مقاومة الأخطال التي جعلتني أعاني، في حال سنحت الظروف؟

     

    السيد: الامتنان؛ اكرر، الامتنان! هل منحتك سوى المعاملة الرفيعة مقابل حظك التعس واللطف؛ ألا يفرض هذا أي التزام؟ تأمل كيف سيكون حالك لو كنت تحت سيد آخر.

     

    العبد: ما عاملتني بشيء أكثر من معاملتك لقطيع ماشيتك. ألم أطعمك جيداً وأصنك؟ هل تستعملهم أكثر من عبيدك؟ أليست إلا قاعدة في تعاملك معهما فيما هو مصلحتك المحضة؟ تعاملهما رجالك وحيواناتك العبيد أكثر من معاملتك لجيرانك، لأنك أشرف وأغنى منهم.

     

    السيد: يمكنك أن تضيف، وأكثر إنسانية أيضا.

     

    العبد: إنسانية! هل يستحق هذا اللقب أن يبقي البشر الآخرين في هذا التصور الشخصي، منخلعاً من كل حقوقهم للإرادة الحرة، متحملاً كل الإصابات التي تتعرض لها ميولك، أو قسوتك نحو من تراقبهم، يمكن أن تراكمها عليهم، ومكرساً، روحك وجسدك، لرغباتك ووجودك؟ هل بوسع الامتنان أن يتخذ حيزاً بين المخلوقات في هذه الحالة؟ وهذا الطاغية الذي يمسك بهم فيها؟ انظر لتلك الأطراف؛ أهي أطراف إنسان؟ أترى أني أملك روح إنسان كذلك؟

     

    السيد: لكني لست أنوي نفحك ما يجعل حياتك قابلة للراحة في التو، إنما لأمنحكها في آخر عمرك الطاعن في السن.

     

    العبد: ياللأسى! وهل لحياة مثل حياتي، مخطوفاً عن بلادي، وأصدقائي، وكل عزيز عليَّ، ومجبراً لأكدح تحت الشمس الحارقة من أجل سيد، يجعلني أفكر في حياتي عندما أطعن بالسن؟ لا؛ سرعان ما أنتهي، سرعان ما سأحصل على الانعتاق من لهاث روحي. 

     

    السيد: أليس من المستحيل، حينها، أن أمسك بك بأي علائق إلا تلك القيود المتحصلة من تطبيق الصرامة؟

     

    العبد: إنه من المستحيل أن تفتعل مثلها، من شعر بالحرية، أن يرضى ويرضخ بالبقاء عبداً.

     

    السيد: لنفترض إن أعتقتك ومنحتك حريتك، هل ستقدّر هذا الجميل؟

     

    العبد: أعظم تقدير: من أجل أنني لا أريد ارتكاب غلط، أعرف النزر القليل من البشر بوسعهم التضيحة بالمنفعة مقابل العدالة، ليس بمكافئة الكد عندما يصنع.

     

    السيد: أفعل، إذا؛ أنت حر.

     

    العبد: أنا الآن بالتأكيد خادمك، مع أني لست عبدك. وعلى سبيل أداء أول أفعال رد الجميل للطفك، سأخبرك طواعية بالشرط الذي تعيس له. أنت تحيط نفسك بأعداء لا يصفحون، والذين مطولاً من أجل فرص آمنة للثأر منك ومن المزارعين الآخرين بكل المآسي التي يرتكبونها. كلما كانوا أكثر كرماً في طبائعهم، كلما شعور بالنقص تجاه انعدام العدالة التي جرتهم لهذه الحالة، ووصمتهم بالعقاب الأبدي للخدمة. ليس بوسعك الاعتماد على لطفك على أجزاءك لتليين صرامة استيائهم. أخفضت منهم للحالة التي البهيمية الوحشية؛ ولو لم يملكوا حمولة بهيمية الحيوانات العجماء، سيكون لهم ضراوة السباع والجوارح. القوة العليا وحدها بوسعها منحك الأمان. لكنها حالما تضعف أو تفشل، أنت تحت رحمة القساة. وهذا هو الرابط الاجتماعي بين السيد والعبد!

    العودة للصفحة الرئيسية