هذا نص طويل عتيق جداً، عثرت عليه منذ سنوات أثناء النبش في أرشيف النيوروكر، مقال طريف كتبه كاتب أمريكي اسمع جيمس ثوربر وهو من كتب قصة فيلم شهير وهو الحياة السرية لوالتر ميتي وهو رسام هزلي أيضا، المقال يعود لسنة 1936م، وعلى أنه مليئ بالاستعارات لكنني قاوم فكرة نبذه واطّراحه وهو طريف وممتع فلم لا؟

مشكلة البشر هم البشر

قضى البشر وقتاً طويلاً، وحتى وقتاً طويلاً جداً، دون أن يكون بشرياً بشكل كافٍ ليواجه ببساطة حقيقة أن مشكلة البشر هي البشر. لقرابة ثلاثة آلاف سنة، أو منذ عهد إيسوب، نجده ألقى باللائمة بشأن زلاته وعيوبه على الطيور، الوحوش، والحشرات. إنه عقد لا أخلاقي لكاتب أساطير أن يستثمر الحيوانات مع أكلح الخصائص البشرية، بذلك، وبحكم عادة كبر السن، أصبح الرجل يلقي باللوم بشأن أخطاءه وهفواته على الكائنات الأخرى في أقل قدر ممكن من جميع العالمين.

يقول البشر بأن الوحش في داخلهم قد استثير، في حين يعني أنه يعني بأن ما استثير حقيقة هو الكائن البشري في داخله. الشخص ليس له أصابع حمامة (تسمية بالإنجليزية لمن لديه انحراف بالأرجل)، لكن لديه أصابع شخص، وما تملكه سيدة ليس أرجل غراب (تسمية بالإنجليزية للخطوط المتجعدة حول العينين) بل تجعدات امرأة. إنه نوعنا، وليس اي نوع آخر، الذي تصدر عنه ضربات قط بري (كناية في الانجليزية عن الإضرابات النقابية غير المشروعة)، يلعبون لعبة الباجر، يبكون بدموع التماسيح، ينصبون محاكم كانغرية. إنه الإنسان، ليس القرش، ذاك الذي يتحول إلى قرش مقرض مرابي، لص هرّار، عندما يقبض عليه، يُظهر أنه ليساً قطاً إنما رجل؛ إن قصة الديك والثور لم يخترعها قط وثور؛ وإن ذكور نوعنا البشري، في قمة صلفهم المغرور بحتمية ما يعرفون، نسميه ثقة بشرية وليست ثقة ديكية، هذا فحسب، لا أكثر من استغلال لفرصة الأفضلية، إنه نزاع للوم والتسلّط.

إنه من الملفت أن جد في معجم أن كلمة "تبقير" لا تجيء من "بقر" لكنها تعني، حرفياً "وضع الذيل بين الرجلين". افترضت بطبيعة الحال، أيضا، أن الرجل يلوم التقطّي، أو التقلص بفعل الخوف، على القطاة، لكن المعجم يزعم أن أصل فعل "أن تتقطى" ليس معروفاً. إنه من اللطيف أن نعلم بأن "تبطط" يعني تجنب مهمة غير مرغوبة، ليست مأخوذة من صديقنا ذو الأرجل الشبكية، لكن من الفعل باللغة الألمانية "تاوتشين" والذي يعني "أن تغوص" نحن نعزو معاني خنوعنا، مع ذلك، إلى الدواجن، عندنا نصم أحد الرجال الخائفين بأنه "ذروق كدجاجة".

مخافة أنه يشتبه به من قبل أصدقاءه وزملاءه، أو جهاز المخابرات الفدرالي والجنود الأمريكان، من أن يرتدي فرواً أو ريشاً تحت ملابسه، والتصرف كجاسوس في وسط فصائل تعتبر متوترة مثل رجل وليس كقط، سأضع هنا بعض المقارنات الاصطلاحية عن حيوانات أخرى تسربت للتعبير في السياق العام. نقول، حينئذ، أن الرجل صمم بكلبية، بلدغ في الشيء وعض عليه بنواجذه، وراقب ككلب هذا الشيء أو ذاك في مكتب عام، غالباً الخزينة. ندعوه قلب الأسد، أو أنه شجيع كأسد، فخور كطاووس، حيوي كجرادة، أنيق كبجعة، مشغول كنحلة، وديع كحمل، وأحياناً نتأمل ذاك الذي يحمل ذاكرة فيل ويعمل بدأب مثل قندس. (لماذا نقول أنه تعب مثل كلب لا تعب مثل قندس لا أدري).

وبينما أجلس هنا، فجأة، في خيالي المحموم، ألتقي بعيني رجل، لا عيني طائر، لمخبر شرطة يتقصّى بيتاً ذا حجر بني، فيما مضى من الأيام الخالية المحرمة. كان يطلق عليه في ذاك المكان أنه نمر أعمى أو يبيع بغلاً ابيضاً، أو عرق نمر، ولن يكون بوسعه تصديق انكار مالك التجارة تلك، وذاك الذي يدعى جو، وقصته التي تبدو كأنها مريبة كسمكة. يشم المخبر رائجة جرذ ويبدأ بالتقطط بالجوار بحثاً عن خيط الجريمة. هو على ثقة بأن هذا مكان حيث يمكن للرجل أن يشرب فيه مثل سمكة ويسكر كقرد. ويمكن لصاحب العمل أن يكون حكيماً مثل بومة أو ذا خبرة في الحياة مثل كبير سن) مثل حنكليس، لكن المخبر كان متأكداً أن صاحب العمل بوسعه الثعلبة عليه.

"لا تطارده مثل الكلاب. أنت في طراد إوزات برية"، أصر جو، الذي يشعر بفراشات في معدته، أو قشعريرة في جلده كإوزة. (لقد أضروا بالإوزات على نحو شنيع هؤلاء البشر، الذي تجاوزوا الحد في التظاهر بأن غطاء الركبة الحامي هو خطوة إوزة. بكل تأكيد فإن الكلب وحده، الهر، والحشرة هي الحيوانات التي استغلت أكثر من الإوزة.) "أنت مجنون كئارة غمّاس يصيح بجنون،" تحشرج صوت جو.

"لا تزعجني بحشريتك،" يقول الشرطي، ويستمر كلب الحماية بالبحث. فجأة ينفرج الباب، وهناك يقف فأر بكل استحقاق، حمامة ملطخة، عاري كطائر قيق أو زرياب. لكن المخبر الآن يفتش الآن عن حزمة نقود. "لابد وأن يكون هناك صدفات من ألف دولار،" يقول. "لو كنت تحصلت على كل هذا السمك شرعياً، لم أخفيتها ولم تصفّر عنها". "في سباق الجرذان هذا إنه كلب يعض كلب،" يقول صاحب العمل، بينما هو يزج به في السجن أو يدفع الكفالة.

المفردات الإنجليزية والأمريكية توسعت جدا، واغتنت فيما أظن، بالكثير من الصور اللفظية التي تصم الحيوانات الدنيا، لكن النتيجة كانت تضخما إضافيا في التضخم البشري الموجود أصلا في غرورهم تجاه الكائنات الأخرى. عندنا الكثير من نماذج الاستنقاص الاسمية التي تنطبق فقط على البشر على الرغم من كل هذا، مثل، محتال، وغد، شرير، مشاغب، حقير، بخيل، وما شابه ذلك، والشخص الغاضب يميل أكثر إلى استخدام كلمات يصف بها غيره كمثل ابن آوى، حمار، قرد، قرد، غوريلا، ظربان، خروف أسود، قملة، دودة، جراد البحر، سرطان البحر، روبيان. بالمناسبة، كلمة "بخيل" تأتي من أصل فرنسي يعني أن البخيل ليس إلا شيئاً أسوأ من قلب عجوز مشاغب.

والأنثى من فصيلتنا البشرية تظهر بافتراء طفيف مهين، وتوصم بأوصاف أقل تفضيلاً من حالة الذكر. الزوجة السمكة، مثلاً، ليس لها زوج سمكة. وكلمة زبّابة تعني المرأة النقاقة المزعجة وهي تعني ذلك الكائن الصغير الناعم المغطى بالفرو، والذي اعتبر خطأ في وقت مضى بأنه سام. الزبابات أيضا، لمزيد من التأكيد، لها ذكور وإناث، لكن الكلمة تنطبق فقط على إناثنا. وبالمثل كلمة "ثعلبة" تعني شخصا مريض المزاج، وكانت تنطبق على الجنسين (من البشر لا الثعالب)، لكنها الآن موجهة فقط للنساء. وعندما يكون هناك رجل، بالذات جنرالا أو أي نوع من القواد، ويسمى ثعلباً، فإنها تأتي في سياق التفضيل والمدح.

كلاهما، زبابة وثعلبة نادراً ما تستخدمان في سياقات حضرية. لأمر هام، لا تعني أمراً متعلقاً بالاستقرار الذهني، ذلك لأن فصيلتنا تعنى بإطلاق الأوصاف على الجنون. قائمة بكل نلك الأحوال الواردة في مكنز روجيت وما يحتويه، بطبيعة الحال، تعبيرات مثل "من فوق المهاد" أو "من فوق العربة"، لكن مجدداً حالات أقل من أشكال الحياة تأتي للاتهام بنوع من أنواع الاضطراب، مثل "مجنون مثل مارس هنا،" "وطاويط"،  أو "وطاويط في برج" للإشارة إلى السلوك الغريب. أو "أجن من حشرة سرير." وهكذا. (تعبيري المفضل من تصنيفات روجيت يبعد عن الحشرات والوطاويط أو العربات والأمهدة، إنه تعبير كعكة لطيفة وتعني مجنون في عقله).

كل جيل جديد، في وقته ودوره، يضيف إلى سجل مفرداتنا الحيوانية الاستنقاصية. ذكر وحيد في حفلة راقصة ليس ذئباً بعد الآن عندما يخطو متكلباً نحو فتاة؛ إنه مصمما ككلب. وإذا كانت سيدة صغيرة السن التفتت إليه، فهي ليس تنبح قائلة "اغرب عن وجهي!" أو "يتمثل الموت!" لكن، أُخبرت، "نظف قفصك!" ومنذ أن سمعت بهذا قبل سنتين مضت، على كل حال، لربما أصبحت مثلاً عتيقاً اليوم، أن أجد تعبيراً كمثل "أعد قدميك إلى الفخ!" أو "اذهب واختبئ تحت صخرة!" أو "ازحف عائداً نحو فرصتك!"

أخشى ألا شيء يمكنني قوله لمنع البشرية من أن تكون لطيفة مع القططية، الكلبية، العثثية. لا أجد أي سجل لأي قط قتلته العناية. ولا وجود لكلب حيثما لا يوجد رجل يذهب إلى حيث توجد الكلاب. العثات (الأخطاء البرمجية) لا تخرج من آلالات الرجل إذا لم يخرجها هو، بسبب عدم كفاءة الرجال أو تسرعهم أو إهمالهم. دعونا نحن الأمريكان نعد إلى عد الخراف. أظن أن السبب الذي يسود ارق الأمريكان أنهم توقفوا عن عد الخراف وتحولوا إلى عد البشر وتذكرهم حتما قبل النوم.

العودة للصفحة الرئيسية