• الصفحة الرئيسية
  • عن هذا الموقع
  • ميتا
  • يمكننا تعريف الفن بأنه أي شيء يدفع أفكارنا باتجاه ما مع التغاضي عن وجهة ذاك الاتجاه. وكما يقول اقتباس هيغل، بأن الموسيقى والرسم هي تعبير بالأحاسيس عن الأفكار. نحن في عوز لتلك الفنون المنبثقة من الأحاسيس، لأن الكثير من الحقائق ستظهر نفسها أمام وعينا بطريقة صيغت من مادة الإحساس والعاطفة. فنحن ربما، كمثال، نحتاج لأغنيات تنبهنا بطرق صوتية عن أهمية مسامحة الآخرين، أو الشعور أن ينتابنا في حين ونحن نقرأ مادة فنية بنقاء بعد قراءة رأي سياسي – تماما كما نرى في مشهد لوحة شجرة سنديان، على النقيض مما يجب قبوله، أهمية العالم الطبيعي. إن الأعمال الفنية العظيمة التي تكتنفها جودة المحتوى هي سبيل التذكرة والعظة.

     

    قبل كل شيء علينا أن نعي أن قراءة لوحة فنية ما ليست عملية حسابية بحتة، أن واحد زائد واحد يساوي حتما اثنين وأن أي نتيجة أخرى ستعتبر خطأ، على العكس، لا يوجد تأويل بعينه صحيح أو تأويل بعينه خاطئ؛ هي فقط محض أراء تعكس رؤية الرائي تماما بقدر ما تعكس مِن اللوحة. فإذا كان شخص ما بصدد قراءة لوحة ما.. فهو يقرأ نفسه أو بعضاً من نفسه عندما يقرأ من اللوحة.

     

    "قدموك لأحد ما في مؤتمر. يبدو لطيفاً ودردشت بخفة معه عن فكرة المتحدث الرئيسي الرئيسية. لكنك بالفعل، جزئياً بسبب انحناء عنقه وإيقاع لكنته، توصلت لنتيجة غير مريحة بشأنه. أو، جلست في عربة المترو- ومقابلك على نحو مائل – يجلس أحد لا يمكنك التوقف عن النظر إليه طوال الرحلة عبر أميال من الريف المعتم. تعرف ألا شيء محدد بشأن هؤلاء. لكنك تتبع مجرد ما يوحيه منظره الخارجي. تلاحظ أنه يضع إصبعاً في كتاب عنوانه (مأكولات الشرق الأوسط)، وأن أظافره المعضوضة انسلخ عنها جلدها، وأن رابطاً جلدياً نحيفاً التف حول عضده الأيسر وهو يعصر عينيه قصيرتي النظر تجاه الخريطة أعلى الباب. وكل هذا مقتنع بما يكفي بالنسبة لك. في يوم آخر، وأنت خارج من الدكان الكبير، وسط حشد من الناس، تلتقط عيناك وجهاً لوقت لا يتجاوز ثمان ثوان وهنا أيضا، تستشعر نفس انعدام الراحة الأكيد – و، بالتالي، مرارة حلوة من الأسى الناجم عن اختفاءهم في الحشود المجهولة...”

     

    على الرغم من ذلك، بدا تايلور متشككاً تجاه أي محاولة لتلخيص الفن في كلمات. أصرّ أن ليس هنا لوحة ذات قيمة يمكن بها أن تقدم لنا التعليق الكافي، لأنها من اللازم أن تؤثر وتتسبب في تحريك حواسنا لا تفسيراتنا المنطقية. لإيصال خصوصية عمل فني، يقتبس كلمة هيجل الآنفة عن أن الرسم والموسيقى كتصنيفات يجدر أن تكون تكريساً لاستعراض الأفكار عبر الحواس.

     

    إن اللوحات الفنية تقبض على كل ما هو هارب في الطبيعة من حولنا من معاني: فيء شجرة بلوط بارد في ظهيرة صيفٍ حارّ ساكن؛ لون أوراق الشجر البنيّ المائل للذهب في أوائل الخريف؛ حزنٌ رزينٌ لشجرةٍ عاريةٍ لمحتها من على متن القطار، وخلفها سماءٍ رماديةٍ ثقيلة. في الآن ذاته، قد يبدو ارتباط الرسومات بالجوانب المنسية من نفوسنا أمراً غامضاً. ومن هاهنا قد تُفاجئنا أشواقنا المُكبوتة في الظهور على مرأى من لوحة مكتظة بالأشجار، وإننا أحيانا قد نُدرك صبواتنا في اللون الضبابيّ لسماءٍ صيفية.

    العودة للصفحة الرئيسية